تكملة لسلسة قصص الانبياء والرسل التى بدأناها مسبقاً والتى نتحدث من خلالها عن قصص الأنبياء بالترتيب كما جاء فى القرآن الكريم، ولكن ليس من الناحيه الدينيه البحتة [ حيث أن الدين له دارسيه وأهل التفسير وهم الأحق فالحديث عن تلك الأمور]،
ولكننا نتحدث من الناحيه التاريخيه لنتعرف على ترتيب الأحداث التاريخية من قبل سيدنا ادم حتى الوصول لسيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين صل الله عليه وسلم.
فبعد أن تحدثنا فى الجزء الأول من قصص الأنبياء عن قصة سيدنا آدم عليه السلام، وخطيئة سيدنا أدم فى الجنه ووقوعه فى فخ الشيطان، مما أدى إلى نزول سيدنا أدم وحواء إلى الأرض وتعميرها، ثم تحدثنا فى الجزء الثانى عن قصة الصراع بين الأخوة "قابيل" و"هابيل" حيث وقوع أول جريمة فى التاريخ حين قتل قابيل أخاه هابيل، وذكرنا فى الجزء الثالت من قصص الأنبياء قصة نبي الله إدريس عليه السلام وعلاقته بأوزوريس أله الموتى عند المصريين القدماء، ثم انتقلنا إلى الجزء الرابع من سلسلة قصص الانبياء إلى قصة سيدنا نوح ومعجزة الله سفينة نوح أول سفينة فى العالم، واستكملنا رحلتنا فى الجزء الخامس من السلسلة وقصة نبى الله هود وتسخير الرياح لإبادة قومه، وانتهينا فى المرة السابقة عند الجزء السادس من سلسلة قصص الانبياء وقصة نبى الله "خليل الله" سيدنا إبراهيم عليه السلام وهداية الله له ومحاربته لعبادة الأصنام وذكاءه فى محاولة إقناع قومه بأن الأصنام لا تنفع ولا تضر وحربه مع النمرود وأقوى جيوش الأرض الذى هزمته بعوضة.
وسنستكمل اليوم قصة سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، وهجرتة وزواجه من السيدة هاجر المصرية أم سيدنا إسماعيل أكبر أبناء سيدنا إبراهيم عليهما السلام.

هجرة نبى الله إبراهيم سبب سعده
قرر سيدنا إبراهيم عليه السلام الهجرة وترك أهل الأصنام، فهاجر هو وزوجته سارة وابن أخيه سيدنا لوط عليه السلام، وكان سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يرزق بعد يالابناء، فقد كانت السيدة سارة زوجته عاقرًا، لكن الله بارك له ورزقه بعد ذلك بالأولاد، حتى جعل الله تعالى كل نبي من بعده من نسله، تشريفاً له لتركه بلده وعائلته وأقاربه فى سبيل الدعوة لعبادة الله تعالى ونشر دعوته في بلاد الشام.
زواجه وابنائه
بعد عشرين عاما من توطين سيدنا إبراهيم عليه السلام في أرض القدس طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من جاريتها السيدة هاجر المصرية، لعل الله يجعل بها النبتة الصالحة ويرزقهما بالابناء، وبالفعل حملت السيدة هاجر بسيدنا إسماعيل عليه السلام وأنجبته، وعندما كان سيدنا إبراهيم عمره ٦ ٨ سنة، بشره الله تعالى بولادة سيدنا إسحاق من السيدة سارة، فسجد من شدة فرحه، وبالفعل ولد سيدنا إسحاق بعد ١٣ سنة من ولادة سيدنا إسماعيل.
السيدة هاجر وثقتها فى الله
بعد ولادة سيدنا إسماعيل أمر الله تعالى خليله سيدنا إبراهيم بالهجرة إلى مكة برفقة ابنه الرضيع وزوجته هاجر، فأطاع سيدنا إبراهيم أمر ربه حتى وصلوا إلى جبال مكة التي هي موقع الكعبة المشرفة الحالي فأمره الله بتركهما وحدهما فى هذا المكان المنعزل بعيداً عن الحياة والعمار.
ترك سيدنا إبراهيم زوجته وابنه في هذا المكان القاحل الخالي من الناس وليس معهم سوى القليل من الخبز والماء فقط ، فأمسكت السيدة هاجر بثيابه وطلبت منه ألا يتركهما وحدهما فى هذا المكان
وقالت ألله أمرك بهذا؟ فقال ابراهيم: نعم ، فقالت هاجر: إذن لن يضيعنافابتعد نبي الله إبراهيم عنهما ورفع يديه إلى ربه يناجيه وقال:” رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا
الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” سورة إبراهيم 37
بقيت السيدة هاجر ورضيعها في الصحراء حتى نفد الطعام والماء، فتركت ابنها إسماعيل يصرخ ويتلوى من الجوع للبحث عن الماء في أي مكان، وسعت السيدة هاجر سبع مرات بين جبلي الصفا والمروة، على أمل أن تجد أي قوافل تطلب منها الماء، فأراد الله أن يكرمها على صبرها وثقتها فى الله فيصبح هذا السعي من شعائر الحج.
ولا تيأسو من رحمة الله
بعد أن نفذت محاولاتها عادت السيدة هاجر إلى المكان الذى كانت تاركة طفلها إسماعيل به يبكي من الجوع، فتفاجأت بمعجزة إلهية، إذ انفجر نبع ماء تحت قدميه وهو ماء زمزم، فشربت السيدة هاجر وأطعمت ابنها وشكرت الله على نعمته.
بعد أيام قليلة مرت قافلة من قبيلة يمنية تدعى جرهم، ووجدوا هاجر وابنها وبئر زمزم، فطلبوا منها السماح لهم بالسكن بجانب البئر، فوافقت السيدة هاجر على ذلك لتستأنس بهم، وعاشت معهم هى وسيدنا إسماعيل وتعلم منهم سيدنا اسماعيل اللغة العربية.
وقالت ألله أمرك بهذا؟ فقال ابراهيم: نعم ، فقالت هاجر: إذن لن يضيعنا
عاد سيدنا إبراهيم لزيارة زوجته وابنه، فوجد الوادي القاحل قرية كبيرة مليئة بالمحاصيل ووجد ماء زمزم فعلم أن الله لم يضيعهم واستجاب دعائه.
قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر من القصص التي وردت في القرآن الكريم لما لها من أثر كبير في النفوس وارتباطها بركيزة مهمة في الإسلام وهي الحج.