مع تعدد الثقافات واختلاطها في المجتمعات ، أصبح الكلام و المناقشات بين الأفراد بمثابة ساحة للصراع الفكري حيث يريد كل فرد أن يقنع الأخر بوجهة نظره ، ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الرد على الأخر ليس من أجل إثبات وجهة نظر ولكن من أجل " التريند ". لكن كيف كان الحال قديما فى ظل عدم وجود وسائل التواصل الاجتماعى ؟
قديما كان هناك ما يسمى ب " الهجاء ... فن الرد "

فالتاريخ العربي حافل بالأحداث التي استُخدم فيها الشعر للرد على الشعراء المنافسين ، ومنها المعركة الكلامية التي نشأت باستخدام القصائد بين جرير والفرازدق ، وامتدت لأربعين عامًا ، حيث استمر الشاعران العظيمان يتشاجران لغويا يتصارعا من أجل خطف لقب "ملك التريند" أو " ملك الهجاء " والشعراء المحيطين بهما كانا مجموعتين ، كل مجموعة متعصبة في دفاعها عن صاحبها وفي هجاء شاعر الفريق الآخر.سقطت في تلك المعركة العديد من الشعراء الذين كانوا ينحازو لشاعر عن الأخر، لم يصمد سوى الأخطل الذى كان يدعم الفرزدق ضد جرير .
فيا عجبا حتى كليبٌ تسبني وكانت كليبٌ مدرجاً للشتائم
لقد ولدتْ أمُّ الفرزدق فاجراً وجاءتْ بوزوازٍ قصيرِ القوائموما كان جارٌ للفرزدق مسلمٌ ليأمنَ قرداً ليلُه غيرُ نائــم
حاول الخليفة سليمان بن عبد الملك المصالحة ولكن دون جدوى. حيث سأل جرير: مالك والفرزدق، فأجاب: إنه يظلمنى، بينما قال الفرزدق: رأيت آبائى يظلمون آباءه، فسرت فيه بسيرتهم، هذا على الرغم من انتماء الشاعرين إلى قبيلة واحدة هى تميم، ولكن الفرزدق كان يتباهى بأهله المباشرين من بنى مجاشع ودارم فى حين كان جرير يهاجم الفرزدق فى عروبته ويعده هجينا.
ففى إحدى ليالى السهر بينهما انشد حافظ إبراهيم هذا البيت ليستحث شوقى على الخروج عن رزانته المعهودة:يقولون إن الشوق نار ولوعـة *** فما بال أرى اليوم شوقى باردافرد عليه أحمد شوقى بأبيات قارصة قال فى نهايتها :حملّت كلبا وإنسانا أمانةً *** فخانها الإنسان والكلب حافظا