نحن نعيش فى عصر التكنولوجيا حيث أًصبح الصراع على من يحتل التريند، ولهذا الأتجاه من يدعمه ومن ينتقده ، ولكن يبقى السؤال :
هل هذا الوضع حديث أم مستحدث ؟، بمعنى هل كان هناك قبل عصر السوشيال ميديا وخاصة فى الأدب ما يسمى "بالتريند" ؟
الأجابة : نعم، ولكن كانت تسمى حينئذ "بالنقائض".
النقائض هي قصائد تجمع الهجاء والفخر في الوقت ذاته، وتنظم على نسق القصيدة البادئة.
كان كل من جرير والفرزدق يقوم بمدح نفسه مفاخراً بالشعر، ويعتمد في الوقت ذاته على ذم الآخر، والعجب أن كلا الشاعرين من قبيلة تميم، ولكنهما من فروع مختلفة ما أدّى إلى نشوء عداوة بينها.

كان "جرير" يحب سحق الشعراء وإسكاتهم في عصره باستخدام الشعر. يقال إنه نجح في القضاء على ثمانية شعراء محترمين، وهذان الشاعران الكبيران فقط: الفرزدق والأختال استطاعا الصمود أمام لسانه السليط.
نشبت حرب كلامية بين جرير والفرازدق استمرت أربعين عامًا ، حيث استمر الشاعران العظيمان يتشاجران لغويا يتصارعا من أجل خطف لقب "ملك التريند" والشعراء المحيطين بهما كانا مجموعتين ، كل مجموعة متعصبة في دفاعها عن صاحبها وفي هجاء شاعر الفريق الآخر.سقطت في تلك المعركة العديد من الشعراء الذين كانوا ينحازو لشاعر عن الأخر، لم يصمد سوى الأخطل الذى كان يدعم الفرزدق ضد جرير.
لكن فى البداية ما هو أصل "جرير" والفرزدق"؟
هو همام بن غالب بن صعصعة الدرمي التميمي ، الملقب بأبي فراس ، وسبب اسمه الفرزدق ، هو الكآبة وكثرة وجهه ؛ حيث أن معنى الفرزدق هو الرغيف المنتفخ، ولد في العراق وعرف بشعره الفخر والثناء والهجاء، وكان من نبلاء قومه وأسيادهم في بني تميم.
ولد في منطقة اليمامة وتوفي بها، وكان عفيفاً، وقيل إنه كان من أغزل الشعراء شعراً، ويكفي شاهداً على ذلك قوله الشهير:
إن العيون التي في طرفها حورقتلننا ثم لم يحيين قتلانايصرعن ذا اللب حتى لا حراك لهوهنّ أضعف خلق الله أركانا
الموقف الأول
فلقد اجتمع الثلاثة (الأخطل والفرازدق وجرير) في مجلس الخليفة عبد الملك بن مروان ، وأحضر بين يديه حقيبة بها خمسمائة دينار ، فقال لهم: دع كل واحد منكم يقول بيتًا في مدح نفسه، فمن يغلب سيأخذ هذا الكيس.
وبدأ الفرزدق.. فقال:
أنا القطران والشعــــراء جربىوفى القطــــران للجربى شفاء
أنا المــوت الذى أتى عليكمفليس لهـــــارب منى نجــــاء
خذ الكيس، فلعمرى إن الموت يأتى على كل شىء..
الموقف الثانى
كما التقى جرير والفرازدق بالحجاج والى العراق في العصر الأموي ، فقال: من أثنى على الشعر الذي يختصر فيه ويحسن شخصيتي فهو يرتدي هذا الثوب.
فمن يأمن الحجاج - والطير تتقىعقوبته - إلا الضعيف العزائم
فمن يأمن الحجاج - أما عقابهفمـــر، وأما عفـــوه فــوثيقيسر لك البغضاء كل منافــقكما كل دين عليك شفيق
ما قلت شيئا، إن الطير تتقى الصبى والخشبة ودفع الخلعة إلى جرير.
بعض هجائتهم:-
ولو تـــرمى بلوم بنى كليبنجــوم الليل ما وضحت لسارولـــو يرمى بلؤمهم نهــــــارلدنس لؤمهم وضــح النهـــــار
لقد ولدت أم الفرزدق فاجـراوجـاءت بوزواز قصير القوائموما كان جار للفــرزدق مسلمليأمــن قــــردا ليلة غير نـائم
أولئك آبائى فجئنى بمثلهـــمإذا جمعتنا يا جرير المجامع
قوم إذا حضر الملوك وفودهـمنتفت شــواربهم على الأبواب