فى البداية علينا أن نعلم أن كلمة "الجاهلية" المطبقة في هذا العصر ليست مشتقة من الجهل بمعنى المخالف للعلم أو غير المتعلم ، بل من الجهل بمعنى السفه والغضب والنزق؛ فهي تقابل كلمة الإسلام التي تدل على الخضوع والطاعة لله جلَّ وعز وما يطوى فيها من سلوك خلقي كريم. المعنى المتداول للكلمة في القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر الجاهلي هو "الطيش والتهور والغضب".

الجزيرة العربية
تحتل شبه الجزيرة العربية جنوب غرب آسيا ، وأطلق عليها أهلها جزيرة لأن الماء يدور فيها من ثلاث جهات في الجنوب والغرب والشرق. إنها شبه جزيرة ، ولا توجد شبه جزيرة تضاهيها في الحجم.
كان الجغرافيون اليونانيون والرومانيون يقولون إنها تنقسم لثلاثة أقسام: صحراء الجزيرة العربية ، وشبه الجزيرة العربية الصخرية ، وشبه الجزيرة العربية السعيدة ، لذلك جاء وصفهم
لصحراء الجزيرة العربية على النحو التالي:
أطلقوا عليها اسم شبه جزيرة سيناء والمرتفعات الجبلية المرتبطة بها شمال الحجاز وجنوب البحر الميت حيث أسس الأنباط مملكتهم واتخذوا مدينة "البطرا" عاصمة لهم ، وهذا امتدت المملكة في عهد الحارث الرابع في أوائل القرن الأول الميلادي حتى دمشق. ومع ذلك ، استولى عليها الرومان في عام 106 بعد الميلاد.
تضمنت وسط الجزيرة وجنوبها ، أو بعبارة أخرى كل شيء يتجاوز القسمين الأول والثاني. وربما يشير هذا ، من بعض النواحي ، إلى أن هذه الفرقة الثالثة كانت موالية لدول الجنوب مثل ماعين وسبأ.
خطأ شائع :
قد ييخطر على بالك أن العصر الجاهلي يشمل جميع العصور والأزمنة التي سبقت الإسلام ، حيث يشير هذا العصر إلى المراحل التاريخية لشبه الجزيرة العربية في العصور القديمة.. لكن أولئك الذين يبحثون عن الأدب الجاهلي لا يتسعون في دراسته كل هذا الأتساع الزمنى، فغى كل الدراسات المتوفرة لنا عن العصر الجاهلى تنحصر على قرن ونصف قبل الرسالة النبوية. فهم راضون كل الرضا عن هذه الفترة الزمنية ، حيث فى هذه الفترة اكتملت اللغة العربية منذ سنواتها الأولى ، وأيضا جاءنا منها الشعر الجاهلي. ويؤكد على ذلك قول "الجاحظ" حين قال فى كتابه بعنوان"الحيوان":-
" أما الشعر العربي فحديث الميلاد صغير السن، أول من نهج سبيله وسهل الطريق إليه امرؤ القيس بن حجر ومهلهل بن ربيعة.. فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له -إلى أن جاء الله بالإسلام- خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام"